الكاتبة نور عبد الله
غالبًا ما تسترجع ذاكرتنا الألم الأوّل؛ تلك اللحظة التي تذوّقنا فيها مرارة الوجع للمرة الأولى.
قد تمضي السنين، وتتعاقب الأيام كجداولٍ لا تنقطع، وقد نغوص في غمار الحياة بتقلّباتها وأمواجها العاتية، لكن ذلك الارتعاش الأوّل يبقى ساكنًا في أعماقنا، كبرقٍ صعق الجسد فترك أثره في الروح.
إنّه الخدش الأوّل الذي رسم على ملامح القلب ندبته، والدمعة الأولى التي انسابت على الخد لتُعلن بداية العبور نحو معرفة الألم.
كل ما يجيء بعده يصبح مجرّد صدى، أو تكرار باهت لصوتٍ دوّى يومًا في الداخل.
قد نتعلّم من بعده كيف نتجلّد، ونكبت دموعنا، ونحوّل الانكسار إلى دروسٍ، غير أنّنا كلّما أوغلنا في الذكريات، وجدنا ذلك الوجع الأوّل متربّعًا في زاوية دهماء من الصدر، شاهدًا على هشاشتنا الأولى، وعلى إنسانيّتنا التي لا تكفّ عن التذكير بأنّ الألم بداية النضج، وبأنّ الندبة الأولى هي أصدق ملامحنا.