...
Img 20251003 wa0018

 

بقلم: آلاء العقاد

 

في أحد أزقة الحي الصغير في غزة، حيث تتعانق البيوت المتواضعة وتتشابك الأرواح كما تتشابك الأيادي، كانت هناك فتاة تُدعى *حلا*. فتاة هادئة، تشع من عينيها براءة الطفولة، وكأنها لم تُلوث بعد بضجيج الحرب ولا صرخات القصف. كانت الحارة التي تعيش فيها رغم ضيق الحال، مليئة بالحب، أهلها كجسدٍ واحد، يتقاسمون اللقمة والبرد والفرح والحزن.

 

في ليلة شتاء قارسة، اشتد المرض على حلا. جسدها الضعيف لم يتحمل البرد، وكانت الحاجة لذهابها إلى المستشفى ملحة. لكن والدها، أبو كِنان، لم يكن يملك أجرة السيارة. سمع أحد الجيران بالخبر، وانتقل الخبر بسرعة كما تنتقل النار في الهشيم، حتى وصل إلى *الدكتور أحمد*، أحد أبناء الحي الطيبين.

 

توجه أحمد إلى بيت أبي كنان، طرق الباب، وحمله بنفسه إلى المستشفى. هناك، أجرت حلا الفحوصات وبقيت تحت الملاحظة ليلة كاملة. لم يكن الأمر عادياً، لكن الأجمل أن الدكتور أحمد لم يتركها لحظة، وبقي يُطَمئن والدها ويهتم بها كأنها ابنته.

 

عادت حلا إلى البيت، لكن قلبها لم يعد كما كان. كان هناك *نبضٌ جديد، إحساس لم تألفه من قبل. والدها لاحظ ذلك، وكذلك أحمد، الذي لم يتأخر كثيرًا حتى دق بابهم مرة أخرى… لكن هذه المرة، ليطلب يدها.

 

وافق الجميع، وتم الزفاف في أجواء بسيطة، مفعمة بالحب. لم يكن لديهما شيء كثير، سوى القلوب الصافية، والنية الطيبة.

وبعد الزواج، سافر الزوجان إلى بلدٍ آمن، حيث لا قصف ولا حصار، فقط حياة هادئة، بدأوا فيها من جديد، حاملين غزة في القلب، وأمل العودة يومًا ما.

 

وهكذا، وُلد الحب وسط الألم، وانتصرت القلوب رغم الحرب.

لكن الأمل لا ينتهي.

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *