الكاتبة نور عبد الله
في زوايا غرفٍ دهماء، نشأ كثير من الأطفال بعيدين عن اللعب والضحكات، منعزلين كأنهم في دركٍ سحيقٍ من النار.
لم يتعلموا كيف يواجهون الناس، إذ كان البشر مصدر خوفٍ لهم لسنواتٍ طويلة.
في عيونهم، كان كل غريبٍ متربصًا، يترصد زلّاتهم لينقضّ عليها.
الأخطاء لم تكن أخطاء في جوهرها، بل كانت محظورات تُعاقب بشدة لمجرد أنها لا توافق هوى الكبار.
كم من يدٍ صغيرةٍ تلقت صفعةً قاسيةً لمجرد أنها اشتهت قطعة تفاحٍ بريئة!
يقال إن ذلك تربية، لكنه في الحقيقة تحطيمٌ لروحٍ لم تزل غضة.
ولم يُترك لهم حتى حق البكاء؛ فدموعهم كانت تستجلب عقابًا أشد من سببها.
شيئًا فشيئًا، تعلموا أن الدمع إذا غادر المحجر، غادر معه الشرف كما قيل لهم،
فصاروا يدفنون وجعهم في صمت، يبتلعون آلامهم بلا أنين، وكأنهم وُجدوا ليخوضوا امتحانًا قاسيًا لا ينتهي.