...
Img 20250928 wa0493

 

الكاتب اليمني محمد طاهر سيار الخميسي

 

إليكِ أيتها النجمة الساطعة في السماء، حدثي قلبكِ بأنكِ مُتلفته، سواءً عرف أم لم يعرف. ما زلتُ أعشق تلك الأبيات الشعرية الجميلة، التي تغنيتُ بها معكِ غناءً روحيًّا ووجدانيًّا، ممزوجًا بالحب واللطف الخفي.

 

كما تعلمين يا ملاكي، بأن الشتاء قد أقبل بعواصفه، ليست عواصف شتاء السماء والبرد، إنما عواصف شتاء القلب. فلا أريد استقباله بالبطانيات الناعمات، لا، لا أريد أن أقضي أوقاتي بجانب النار، لا أريد إلا أن أبذل نفسي بين يديكِ التي تهواها روحي عشقًا جنونيًّا. لا إسراف في الحب، فروحي فداكِ، سأبذلها فداءً لحبكِ، فلا تخيبين مسعاي إليكِ.

 

ما زلتُ أحاول ساعيًا إلى لقائكِ بشتى الطرق، فأنا لدي الأمل الكبير، الذي ينبعث من بين أضلعي بأحاسيس قلبي بأنكِ أنتِ الحب والدفء والحنان. فوجدي المُضنى يحن إليكِ، كحنين القمر إلى الثريا.

 

أشتاق لقائكِ تحت سماءٍ صافيةٍ ونقيةٍ، خاليةٍ من الضوضاء. نبيتُ أنا وإياكِ عالقين في الكون لوحدنا، بعيدين عن ضجيج الشوارع وزحمة الطرقات بالمارّين، بعيدين عن تفاهات البشر، وعن كل ميكروبات البيئة وملوثاتها.

 

أريد زيارتكِ لي كل ليلة، كما تزور النجوم الليل. فلا أريدكِ إلا بجانبي، ومدفئةً تجمعنا، وفناجين قهوة ساخنة نرتشفها، كما يرتشفنا الحنين للقاء.

 

فالبرد الذي أشعر به في جسدي ليس برد شتاء السماء، بل هو شتاء القلب، ومطر العيون، وعواصف الغدر.

 

تعالي إليّ الآن، لا أريد إلا المكوث بين يديكِ، لكي أشعر بالدفء. فأنا أعشق الشتاء من أجلكِ، رغم برودته، وأحب قراءة الكتب مثلكِ، رغم أنني أملّ، وأكتب خواطري إليكِ.

 

أخبري قلبكِ بأنني ما زلتُ أحن إلى تلك الذكريات الجميلات، حينما كنا نتحدث أنا وإياكِ قبل طلوع الفجر إلى بزوغ الشمس، إلى تلك الأزهار والورود.

 

فكنتِ كلما أمطرت السماء، تسألينني عن سبب كآبتي، وتكون إجابتي: إنها مجرد كآبة شتاء القلب. ولكنكِ لا تعلمين بأنكِ شتائي.

 

أخشى أن تمطر الدنيا وأنتِ لستِ معي؛ فالشتاء هو وقت الراحة، والطعام الجيد، والدفء، ولمس أناملكِ، والحديث بجانبكِ، لا بجانب النار.

 

فالشتاء يا سيدتي هو الوقت السحري من العام، حيث أستعيد ذكرياتي معكِ، وأتذكر كل ما هو جميل. أوصف لكِ تلك اللحظات السحرية التي حدثتكِ فيها، ونحن نتجاذب أطراف الحديث، ما بين ديسمبر وفبراير.

 

تقولين لي: يا حبيبي، الشتاء أقبل، ماذا بحوزتك أن تقدمه لي في مناسبة هذه الأجواء الشتوية؟ سأقول لكِ: لا شيء سوى…

 

سأهديكِ كتابًا عنوانه “شتاء القلب”، من حروفي وحروف زملائي الكتّاب والكاتبات العرب.

 

ستقولين: ماذا لو أكون برفقتك يا قمري، والغيم يرسم وصفكِ في السماء؟

 

أنتِ شتاء قلبي، الذي سقى قلبي بالكلمات مطرًا غزيرًا. أنتِ الصفوة التي تحلي دنيتي. كلما قرأتُ لكِ خاطرةً، أجدكِ تنثرين إليّ الدُرر، كما يُنثر على العروس الدراهم.

 

جميلة أنتِ كموسيقى عُزفت في ليلةٍ ماطرة. إذا أقبل الشتاء، يحرك رياحه ستائركِ، أحس أنكِ بحاجة إلى البكاء بين ذراعيّ، وعلى دفاتري.

 

إذا أقبل الشتاء، أصبحت عصافيركِ بلا منازل، ويبتدئ النزيف في قلبكِ، وتتفتح أزهار حبكِ من جديد.

 

تناديني: أيها العاشق لي في كل مساء، وتذرفين بالعطر، وتوقظين نارًا في القلوب عذراء.

 

فترتسم عليكِ الابتسامة، وتشعرين بالحنين إلى طفولتكِ، إلى تلك السنوات التي مضت من عمركِ.

 

ستحنين إلى قلبي الذي افتقدتِه، وأحاسيسكِ التي نسيتيها. ستغمضين عينيكِ، وتسترجعين شريط أحلامكِ بحب.

 

ستنسين كل ما بقلبكِ من نقاط سوداء، وعندما ترى عيناكِ نقائي كالمطر، ستتذكرين كل صفاتي الجميلة، التي لم تنسيها بالفعل.

 

ستفتحين نوافذي، فتحتويكِ رائحة كلماتي الرائعة، ستغلف قلبكِ بالحياة. إنها رائحتي الممزوجة برائحة المطر.

 

ففي كل شتاءٍ، سنكون معًا، قبل أن يبتلعنا الزحام.

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *