الكاتبة مريم لقطي
كنتُ أشاهده يعزف بطريقة جنونية، ضبابية لا تُفهم، يبدو كمختل عقليًّا وهو يفرغ جام غضبه في العزف.
كان يرتدي معطفًا أسود كلاسيكيًّا، وقبعة تغطي شعره الأسود الحريري.
هو العازف الذي لم يستمع إليه أحد من قبل، ومع ذلك، في كل سنة يُقام حفل على شرفه.
لكنني جازفت هذه السنة، بما أنني أقضي عطلتي بموسكو، وحضرت عرضه.
استمر ذلك الجنون أمامي لمدة ساعتين، ولم أملّ؛ لأن جنونه يتجدد كل ثانيتين.
حين انتهى، استقام مغادرًا، ولكنه التفت لوهلة، مستغربًا من وجود أحدهم.
نظر لي نظرة حادة بعينيه الرماديتين.
فجأة، عمّ الظلام، ولم أشعر سوى بشخص يقيدني، هامسًا بأذني: “لقد وقعتِ بقبضة الشيطان.”
ولم أشعر بعدها بشيء.
حين فتحت عيناي، وجدت نفسي داخل كوخ قديم مهترئ، مقيدة بكرسي، ورائحة الدم العفن تملأ المكان.
كان السقف يحتوي على مجموعة من رؤوس الدمى المشوهة، ومع التركيز فيها، أدركت بأنها رؤوس أطفال حقيقية، وصوت داخلي يهمس بأنني سأكون ضمنهم.
ارتجفت، بينما كان العازف أمام بيانو قديم يعزف ألحان الموت. اقترب مني، ورفع قبعته، وقال بصوت مبحوح:
“كنتِ الوحيدة التي أنصتت لجنوني حتى النهاية، والآن ستصبحين جزءًا من معزوفتي الأخيرة.”
آخر ما رأيته قبل أن يلفني السواد، خنجر حاد يلمع، وصدى عزفه يعلو تدريجيًّا؛ عزف لم يكتبه إلا شيطان مبدع.
استيقظتُ بمستشفى الأمراض العقلية، لا أعلم: أكنتُ أنا القاتلة أم الضحية؟