الكاتبة أمل سامح
في وسط الغابة الخريفية، كان يتدلّى قلب خشبيّ، يابس الملامح، يفيض بالأوراق البرتقالية الذابلة.
لم يكن قلبًا عاديًا… كان قلب وطن.
كل ورقةٍ تسقط منه كانت روحًا شهيدة، وكل غصن يابس كان بيتًا مهدومًا، وكل عِرقٍ متشقق كان ذاكرة عائلة اقتُلِعت من جذورها. ومع ذلك… ظلّ القلب نابضًا.
ليس نبض حياة عادية، بل نبض مقاومة… نبض من يرفض أن يموت.
اقتربتُ منه، شعرت أنني ألمس جرحًا بحجم الأرض. حرارة تتدفق، لا من دمٍ، بل من تاريخٍ محروق، من صرخات مكتومة، من أسماء محفورة في صمت التراب. كان القلب يهمس: “أنا فلسطين… أنا الغصن المقطوع الذي يعاود النمو… أنا الشجرة التي تحاولون اقتلاعها منذ قرون، وما زلتُ هنا.”
الأوراق تتساقط، نعم، لكنها تعود لتنبت من جديد، كأنها ترفض الذبول النهائي. جذوره مغروسة في أرضٍ لا تموت، في ذاكرةٍ لا تُمحى. حتى وهو يذبل، كان أكثر حياةً من قلوبٍ كثيرة تنبض بلا معنى.
فهمت حينها أن هذا القلب ليس لعنة… بل معجزة.
فلسطين قد تنزف، قد تتشقق، قد تحترق أوراقها كل خريف… لكنها لا تموت.
ستظل الشجرة الوحيدة التي مهما حاولوا اقتلاعها، تعود لتقف من جديد، شاهدة على وجعها… وصمودها.