...

صحوة روح

سبتمبر 17, 2025
Img 20250916 wa0548

 

الكاتبة إيمان شلاش

 

ذات يوم، قالت لي أمي: إنه حين يضعك الله في موقف صعب، فهو بذلك يختبرك ويريد منك أن تُظهر كل ذكائك،

وحين يأتي شخص ويكسر لك قلبك، ستصبح بعدها أقوى، وأقسى، وأفهم للحياة.

لم أقتنع أبداً أن الإنسان عندما ينكسر قلبه، تصبح شخصيته أقوى،

إلا عندما وجدت نفسي منهارة، عيناي محمرتان، ينهمران دموعاً، وجسدي منهك…

خرجت لا أبالي بمن حولي، لستُ مكترثة لما سيحصل معي.

 

ذهبت إلى مقابلة عمل كنت مجبرة على الذهاب إليها…

أخرجت كل أدواتي ومهاراتي، قلبي كان مكسوراً، وأدواتي كانت بسيطة،

قدّمت مشروعي بأداء أظن أنه أبسط من كل أداء مضى.

كان تركيزي كله على المشروع، لم أنظر إلى الأعين، ولا إلى الدفاتر التي تسجل الملاحظات.

لم يُخِفني منظر ذلك الموظف الكبير في العمر، الذي بدأ يدون في دفتر صغير مهترئ ملاحظات…

لم يعنِني شيء سوى أني أريد إنهاء الوقت، وتقديم المشروع، والعودة إلى مكاني، لا تهمني النتيجة.

 

كان كل شيء من حولي هادئاً، إلا روحي من الداخل، كانت تتمزق وتعتصر وتتألم.

أنهيت المناقشة، وهممت بالعودة إلى مكاني،

إلا أن تصفيق الجميع، وابتسامات الإعجاب التي شاهدتها في أعينهم، أيقظتني من شرودي، وهزّت شبح الحزن الذي كان أمامي.

كان الجميع فخوراً بحديثي وجهودي، ونهالوا عليّ بالمديح الهائل،

ولكن ما شدّ انتباهي وخطف قلبي، عندما قالوا لي:

“يا لشخصيتك القوية، ولجرأتك، وقوتك، وحضورك المميز!”

 

أحقاً هذا ما لاحظوه؟ لكن كيف؟ وأنا كل ذرة في قلبي تعتصر ألماً؟

كيف بدوت بهذه القوة؟ حتى أنني لا أذكر أني طرحت كل أفكاري!

 

عندها فقط، اقتنعت أن الإنسان عندما ينكسر داخله، يصبح أقوى وأصلب.

هو يظن أنه ضعيف، والجميع ينتبه أنه أصبح أقوى.

 

ربما هي الحياة هكذا… عندما تريد شيئاً، يهرب منك،

وعندما تدير ظهرك له، يأتيك راكعاً على ركبتيه.

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *