حوار: مصطفى السيد
خولة الأسدي، كاتبة يمنية من مواليد 7 فبراير 1996، وُلدت في بيئة أدبية غنية، جعلت من القراءة والكتابة طريقًا لا تنفصل عن ملامح حياتها. عبر هذا الحوار، تحكي خولة عن بداياتها، شغفها، التحديات التي واجهتها ككاتبة يمنية، وأحلامها التي ما زالت تنسجها على ورق الحلم والأمل.
في منزلٍ تناثرت فيه الكتب كما تتناثر النجوم في سماء الحالمين، نشأت الكاتبة اليمنية خولة الأسدي، فكانت القراءة رفيقتها الأولى، والكتابة مَهربًا وجسرًا للعبور نحو عالم أوسع. في هذا الحوار، تفتح لنا خولة قلبها، وتحكي عن بداياتها، وهواجسها، وأحلامها، وطموحاتها كصوت نسوي مميز في الأدب العربي المعاصر.
حدثينا عن نشأتك.
نشأت في منزلٍ مليءٍ بالكتب، وكانت القراءة جزء دائم من تفاصيل يومي، مذ تمكنت من القراءة، فكنت أجد في الكتابة ملاذًا، وفي الكتب نافذةً على العالم الذي عشت في منأىً عنه سنينًأ. وقد شكلتني قراءاتي، ومنها استمديت قيمي التي غالبًا ما يصفها من حولي بالمثالية. ونظرتي الحالمة للحياة، ومن الكتب أيضًا تكونت ثروتي اللغوية التي ساعدتني ككاتبة.
متى بدأتِ الكتابة؟
بدأت الكتابة بمعنى التدوين في التاسعة، وكتابة القصص، في الحادية عشرة، كنت أظن أني شاعرة في طفولتي، لكني سرعان ما اكتشفت ميلي لأدب السرد كالروايات والقصص والخواطر، ووجدت أن هذا النوع من الأدب هو المكان الذي يمكنني أن أكون فيه كما أنا، وما أشاء، فأحلم، وأطرح تساؤلاتي، ووجهات نظري دون أي قيودٍ، وربما شكل لي ذلك متعةً في البداية، لكن مع الاستمرار في الكتابة، أضحت المتعة لا تتركز في التعبير عن مشاعري أنا، بل أمرًا أشبه بمتعة الممثل حينما يجسد شخصية مختلفة عنه، وهكذا أصبحت لسان حال من حولي، وأنا جزء مما حولي.
كم كتابًا لديكِ؟ وما أسماؤهم؟
لدي مجموعتان قصصيتان حتى الآن، هما: موسيقى الساعة الثالثة، وهي مجموعة تلامس تفاصيل الحياة اليومية بأسلوب درامي إنساني، ولا تخلو من الرومانسية والسياسة.
ومجموعة “الموناليزا” والتي تتناول العديد من القضايا الاجتماعية، والإنسانية، والرومانسية بأسلوب بسيط، ولغة سهلة.
من أكثر كاتب أثر في خولة؟
الكثير من الكتاب المميزين تركوا في نفسي أثرًا عميقًا، ولكن إذا كان المقياس تكرار قراءتي لكتاب معين، فأستطيع القول: إن لويزا ماي ألكوت كانت أكثر من أثر فيّ، وقرأت عملها نساء صغيرات أكثر من مرةٍ في طفولتي، وبداية المراهقة، وتأثرت جدًا بشخصية جو التي شعرت أني أرى نفسي في تمردها، وحبها للكتابة، وشغفها في التعبير عن ذاتها بحرية.
ما المواضيع التي تفضلين الكتابة عنها؟
أميل للدراما والتراجيديا في كتاباتي، وأناقش في الغالب قضايا النساء، الإنسانية والرومانسية منها، فأكتب كثيرًا عن الحنين، الفقد، والصراعات الداخلية، وغالبًا ما تحمل شخصياتي شيئًا مني ولو لم أقرر ذلك، وبعض كتاباتي حين أقرر كتابتها تكون في ذهني فكرة مشوشة عنها، أو محددة، ولكن حين أشرع في الكتابة، أشعر وكأن القصة هي من تسطر نفسها، بعيدًا عن أي توجيهاتٍ مني!
من دعم خولة في مسيرتها الأدبية؟
الدعم الحقيقي جاء من ذاتي أولًا وأخيرًا، وفي المنتصف كان هنالك بعض الأشخاص، منهم من دعمني ماديًا، ومنهم من دعم معنويًا، وأهمهم ابنة خالي إتحاد الجماعي.
ما الصعوبات التي واجهتك ككاتبة؟
كان هناك العديد من الصعوبات، خصوصًا كوني فتاة ويمنية، ولكني شعرت بلا أهميتها، وبأنها لا تشكل عائقًا أمام نجاحي، حينما آمنت أن الكتابة ليست خيارًا يُمكن لي تركها حين أجد بسببها ما لا يرضيني، ولكنها حاجة لا يمكن لي التوقف عنها مختارة.
كيف تتعاملين مع نقد القراء؟
لقد آمنت دومًا بأهمية النقد لأي شخص يريد التحسين من نفسه على أي مستوى كان، وفي أي مجال، ومن هذا المنطلق فأنا أتقبل النقد البناء، وأهتم له، وأمتن لمن ينتقدني هذا النوع من النقد، ولكن مع الأسف فنحن ككتاب نعاني من غياب النقاد، وقلة القراء.
هل تكتبين بشكلٍ يومي؟
في بداياتي، نعم كنت أفعل، أما في السنين الأخيرة، فقد اقتصرت كتاباتي على الخواطر، وليس بشكلٍ يوميٍ حتى، وآخر قصةٍ كتبتها كان منذ ثلاثة أعوام، فأنا لا أتعامل مع الكتابة كواجب، وأكره أن أفعل، وأحب أن أكتب عن رغبةٍ، وشعورٍ، وحاجة.
ما حلمك ككاتبة؟
أن تترك كتاباتي أثرًا في نفس من يقرأها، ويكون لي بصمة في الأدب العالمي، وأحلم أيضًا أن أرى بعض أعمالي تحول إلى دراما.
هل لديكِ طقوس خاصة أثناء الكتابة؟
في بداياتي، لم يكن لي أي طقوس، وكنت أكتب في أي مكان، وأي وقت، ولكن بعد ذلك، أصبحت لا أحب، ولا أستطيع الكتابة إلا في أجواء هادئة، وأفضل أن يكون ذلك في الليل، حين ينام العالم وتستيقظ أجمل الأفكار.
هل هناك أشياء يومية تلهمك؟
نعم، كل التفاصيل ملهمة، فقد تلهمني نظرة عابرة، أو كلمة سمعتها في مسلسل، أو أغنية حزينة، أو شخصية في رواية، أو ذكرى قديمة، وكما قالت لي إحداهن يومًا: الكاتب مثل الاسفنج، يمتص الأحداث، والمواقف، ويتشبع بها، ثم يلفظها بعد مزجها في روحه، عملًا أدبيًا هو خليط من كل شيء.
لذا فأنا أؤمن أن الإلهام الحقيقي لا يحتاج حدثًا كبيرًا، بل روحًا تلتقط المعنى من أبسط الأشياء.
هل شعرتِ يومًا بالرغبة في التوقف عن الكتابة؟
نعم، مرّت عليّ الكثير من الأوقات التي فقدت فيها الرغبة بالكتابة تمامًا، خاصة في آخر ثلاثة أعوام، وما زلت قيد هذا الشعور، ولكني أؤمن أن الكتابة هي طوق نجاتي حتى حين أتعب منها، ومهما طال هجراني لها، لا مفر لي من العودة إليها.
كلمة أخيرة.
أشكر مجلة الرجوة الأدبية على هذه الاستضافة، ممثلةً بالأستاذة سارة الببلاوي، وكل الطاقم المميز، وأتمنى لي ولكم كل التوفيق ودوام الإبداع.