...

وجه الفراشة

نوفمبر 13, 2025
Img 20251023 wa0054

 

الكاتبه أمل سامح 

 

تسللت نحوي كهمسٍ مُتلألئ، فراشةٌ بحجم قبضةٍ صغيرة، لكن جناحيها كانا يرفرفان بثقةِ من سرقَ سرًّا لا يُرد. اقتربت، وشيءٌ غريب تسرّب من وجهي نحوها، كأن الضوءَ يهربُ باتجاهها طائعًا. رأيت ملامحي تذوب تحت لمعتها، حتى صرتُ صفحةً بيضاء بلا ملامح.

 

كانت تتأملني بعيونٍ غير مرئية، ثم تميل برأسها ببطءٍ كما تفعل امرأةٌ أمام مرآةٍ تكتشف وجهًا جديدًا. حاولت لمسها، لكن الهواء كان حادًّا، يجرح دون دماء. ضحكت… أو ربما هي التي ضحكت بصوتي.

 

مرّ القمرُ فوقنا بثوبٍ فضيّ، انعكس ظلي عليه بلا وجه. هناك، في البقعة المضيئة، كانت الفراشة ترتدي وجهي، تتحرك بثقةِ من يعرف مَن كان ومَن صار. راقبتها تدور حول نفسها، تُقلّد تعابيري، وتبتسم لي كما كنت أفعل للأخرين.

 

سألتها بصوتٍ خرجَ مرتجفًا من مكانٍ لا أعرفه:

— ماذا تريدين؟

أجابت بعينيّ:

— ليلةٌ واحدة.

 

ثم رفرفت حتى اختلطت بالقمر. بقيتُ أنتظر شروقًا يعيدني، لكن الضوء لم يتعرف عليّ بعد.

حين نظرتُ إلى الماء، رأيتُ وجهًا غريبًا ينظر نحوي… يبتسم بثقةِ من يعرف أن الفراشة لم تسرق وجهي تمامًا، بل أخذت جزءًا لن تعيده أبدًا.

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *