...
Img 20250607 wa0014

مقال: منة الله محمد

في مشهد بات مألوفًا في كثير من البيوت، يجلس طفل لم يتجاوز الرابعة من عمره، يحدق في شاشة هاتف ذكي، يغيّر الفيديوهات بلمسة، يضحك على مشهد، ويتجهم من آخر… تبدو عليه السعادة، لكن هل حقًا هذا ما نريده له؟ هل ندرك ما يدور داخل عقله ونفسيته؟
في زمنٍ أصبحت فيه التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا، لم يعد الهاتف أو الإنترنت رفاهية، بل واقع يعيشه الكبار والصغار على حدّ سواء. ومع هذا التقدم السريع، ظهرت تحديات جديدة أمام الأهل، خاصةً فيما يتعلق بتأثير التكنولوجيا على الأطفال وسلوكهم وأفكارهم.
الجيل الحالي يُولد وفي يده جهاز ذكي، يعرف كيف يستخدمه بفطرة لافتة. لكن، هل هذا كافٍ لنشعر بالأمان؟ وهل المعرفة التقنية تعني نضجًا فكريًا؟ الحقيقة أن الإجابة لا.

– التأثير الخفي على الطفل
دراسات كثيرة تحذر من تأثير الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية على صحة الطفل النفسية، منها:
• ضعف التركيز.
• مشاكل النوم.
• نوبات غضب غير مبررة.
• انعزال اجتماعي.
• التأثر بمفاهيم مشوّهة عن الذات والعالم.

والأخطر من ذلك، أن بعض الأطفال يكوّنون صورة عن أنفسهم وحياتهم من خلال مقاطع لا تتعدى دقائق، أبطالها “يوتيوبرز أطفال” أو ألعاب عنيفة أو محتوى غير خاضع للرقابة.

– الرقابة ليست تقييدًا… بل حب واحتواء
بدلًا من المنع التام، يمكن اتباع خطوات بسيطة وفعالة:
• تحديد أوقات استخدام مناسبة.
• مشاركة الطفل ما يشاهده.
• استخدام تطبيقات رقابة أبوية.
• التحدث مع الطفل بانتظام عن الإنترنت وخطره.
• تقديم بدائل ممتعة: أنشطة يدوية، قصص، حوارات، تجارب علمية بسيطة.

– رسالة إلى كل ولي أمر
ابدأ أولى خطواتك بالاهتمام الحقيقي:
اسأل طفلك عمّا يشاهده، وخصص وقتًا للشاشات وآخر للحياة الواقعية. راقبه دون أن تُشعره بالمراقبة، وكن له صديقًا قبل أن تكون رقيبًا.
ولا تنسَ أن طفلك بحاجة إلى سماع صوتك أكثر من أي فيديو، وأن يشعر باهتمامك قبل أن يبحث عنه في اهتمام الشاشة.

– التكنولوجيا ليست العدو
الإنترنت أداة عظيمة، والموبايل ليس شيطانًا، بل وسيلة. المشكلة تبدأ حين يُترك الطفل وحيدًا أمام هذا العالم المفتوح. علينا أن نرافقه، نوجّهه، ونُعلّمه كيف يختار، لأن الذكاء الفطري لا يغني عن التوجيه.

– فلنكن نحن المؤثر الأول في حياة أبنائنا
دعونا لا نُسلّم أبناءنا للصدفة أو للمحتوى المجهول. نحن من يُشكّل وعيهم، ونحن من عليهم أن يكونوا في صفهم. التكنولوجيا مستمرة في التقدّم، فليكن وعينا دائمًا متقدّمًا عنها.
فلنربّي جيلًا لا يخاف من العالم الرقمي… بل يعيشه بوعي، ويختار فيه طريقه بقلب محصّن وعقل منير.

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *