الكاتبة رحمة دولاتي
تعريف التسول:
هو سلوك يلجأ فيه الشخص إلى استعطاف الآخرين واستدرار عطفهم بهدف الحصول على المال أو المساعدة المادية، من دون أن يبذل جهداً أو يقدم عملاً حقيقياً في المقابل، ودون حاجة حقيقية للبحث عن عمل.
في الحقيقة، ليس من السهل تناول هذا الموضوع بالكتابة، فهو مزيج من الواقع والكذب. إذ إن طبيعة الشعب المصري والعربي بشكل عام تميل إلى الرحمة ومساعدة المحتاج، مما جعل التسول وسيلة يستغلها البعض لجني المال بطرق خبيثة.
لقد انتشر التسول في مصر بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، وبأساليب متطورة ومتنوعة، حتى أصبحت بعض المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية من أكثر الأماكن التي تنتشر فيها هذه الظاهرة. وتشير الدراسات والتقارير إلى وجود آلاف المتسولين في هذه المدن، وإن لم يتم تحديد نسبة دقيقة.
في إحدى الصور المنتشرة، نرى امرأة تجلس على كرسي متحرك تتسول في الشارع، وبعد ساعات قليلة تم تصويرها وهي تسير على قدميها بكامل قدرتها، مما يكشف الخداع واستغلال مشاعر الناس للحصول على المال بطريقة غير مشروعة.
من الناحية الشرعية: التسول محرم إذا كان الإنسان غير محتاج أو قادراً على العمل.
من الناحية القانونية: يُعاقب المتسول في مصر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وفقاً للقانون.
مخاطر التسول على المجتمع
ظاهرة التسول ليست مجرد سلوك فردي، بل هي مشكلة اجتماعية خطيرة تحمل في طياتها الكثير من المخاطر، منها:
1. استغلال الأطفال: حيث يتم استخدامهم في التسول، مما يؤدي إلى خطفهم وتشريدهم، بل وقد يصل الأمر إلى تعذيبهم أحياناً لإثارة الشفقة.
2. انتشار الجريمة: إذ يُستخدم التسول أحياناً كغطاء لارتكاب جرائم مثل السرقة أو الخطف أو التهريب.
3. انتشار المخدرات: قد يُستغل المال الذي يحصل عليه المتسولون في شراء المواد المخدرة أو المساعدة في ترويجها.
4. إضعاف الاقتصاد: يعزز التسول ثقافة الكسل والاعتماد على الآخرين بدلاً من العمل، مما يزيد البطالة والجهل.
5. تشويه صورة المجتمع: انتشار المتسولين في الطرقات والمناطق الحيوية يعطي انطباعاً سلبياً، ويؤثر على السياحة والاستثمار، كما أنه يقلل من مكانة البلد.
استغلال الدين
لقد وصل الأمر بالمتسولين إلى استغلال الأديان، وخاصة الدين الإسلامي، حيث يقوم بعضهم بتوزيع أوراق تحتوي على آيات قرآنية ويطلبون المال معها، وهذه الفئة تنتشر بشكل كبير في الإشارات والمواصلات.
خاتمة
التسول لم يعد مجرد تصرف فردي عابر، بل أصبح ظاهرة منظمة في بعض الحالات، تستغل الطيبة الفطرية لدى الناس وتستنزف أموالهم بطرق غير شرعية.
لذا، يجب على الدولة والمجتمع التعاون لمكافحة هذه الظاهرة عبر:
توفير فرص عمل للفقراء والمحتاجين.
تفعيل الرقابة القانونية.
توعية المواطنين بضرورة التأكد من مصارف صدقاتهم لضمان وصولها إلى مستحقيها الحقيقيين، وليس إلى محترفي الخداع.
علينا أن ننشر الوعي وألا نساعد من يطلب المال بطريقة غير شرعية. لا يعني ذلك التوقف عن فعل الخير، بل أن نوجه المساعدة إلى من يستحقها حقاً، إلى عزيز النفس الذي لا يمد يده ولا يحتال، فهو وحده من يستحق العون.