الكاتبة سارة أسامة النجار
حين كنا أطفالًا، تتصاعد منا المشاجرات الصغيرة، فنشد شعر بعضنا البعض في لحظة غضب طفولي. لكننا كنا نملك كلمة سحرية تنهي كل شيء: “سيب وأنا أسيب”. كانت تلك العبارة اتفاقًا ضمنيًا على وقف الأذى، إعلانًا بريئًا للهدنة. نعد بعدها: واحد، اثنان، ثلاثة… ونفلت قبضتنا في اللحظة ذاتها، وكأننا نعيد ترتيب العالم من حولنا.
كم كانت تلك الكلمة عظيمة في بساطتها، قادرة على إنهاء أعنف خلافاتنا. فهل يصعب على الخصمين في غزة أن يتبنوا هذا المبدأ؟ أن يقول أحدهم للآخر: “سيب وأنا أسيب”، فيترك كل شيء، ليترك الآخر غزة، ويكف الطرفان عن إيذائنا وعن تدميرنا.
لكن المشكلة أن أحدًا لا يشد شعر الآخر، بل يشد حياة مليوني إنسان. يشد أرواحهم نحو الهاوية، بينما يعيش الخصمان فوق استبرق النعيم، ونحن نغلي في قدر من المصائب، لا نملك سوى أن نعد: واحد، اثنان، ثلاثة… دون أن يتركنا أحد.