الكاتب فوزي سعيد
كثيرًا ما أتساءل، أي لعنة جعلتني ألتقي بك في زمنٍ لا يسمح للعشاق بالنجاة؟
كنتِ أشبه بحلمٍ يتنفس بين جفوني، يربكني حين أفتح عيني، ويقتلني حين أغفو.
لم أطلب من القدر شيئًا سوى أن يترفق بي، لكنه ألقى بك في طريقي ليمنحني أعظم النعيم، ثم سحبك من بين يدي ليتركني في أعنف الجحيم.
أتعلمين؟
أحيانًا أشعر أن قلبي لم يعد قلبًا، بل مقبرة صغيرة،
مدفون فيها كل ما لم أستطع قوله لك،
كل اللمسات التي لم تصل،
كل الأحضان التي لم نكتمل فيها،
وكل الكلمات التي علقت في حلقي وماتت هناك.
الحب يا عزيزتي لم يكن خلاصًا، بل كان سيفًا باردًا غُرس في صدري.
أحببتك كما لو أنك الهواء، ولم أجد في غيابك سوى اختناقٍ بطيء.
أحببتك كما لو أنك الخلاص، لكنك تركتني أتعفن في وحدتي.
كل ليلة، حين يهدأ كل شيء،
يخرج اسمك من بين ضلوعي كجرحٍ قديم يرفض أن يندمل،
وأجلس أمام ظلي كأني أعاتبه على ضعفي،
أعاتبه على أنني لم أستطع أن أُطفئ نارك داخلي،
ولم أستطع أن أُخرجك من بين أضلعي.
أي حب هذا الذي يجعل الإنسان أسيرًا؟
أي حب هذا الذي يحول القلب إلى زنزانة، والذكريات إلى قيود؟
كلما حاولت الهروب، وجدتني أركض إليك.
وكلما حاولت أن أنساك، وجدتُ أن النسيان نفسه يذكّرني بك.
أخشى أنني لم أعُد أحبك فقط،
بل صرتُ أعيش فيك كما يعيش الموت فينا دون أن نسأله.
صرتِ هاجسي، صرتِ ندبتي، صرتِ سرابي الذي أركض نحوه حتى وأنا أعلم أنه سيتركني عطشانًا.
غريبٌ هو هذا القلب، كيف يحتمل كل هذا الخراب ولا يتوقف عن الخفقان؟
كيف يظل حيًا رغم أنه لم يعد يرى للحياة معنى من دونك؟
ربما لأن الحزن ذاته صار وقوده،
وربما لأنني أدمنتُ التيه فيك كما يدمن السجين قيوده.
يا ليتك تعلمين كم يوجعني أن أراكِ في ذاكرتي أجمل من أي واقع،
يا ليتك تعلمين أنني لم أعد أخشى الموت،
بل أخشى أن أعيش حياةً كاملة وأنتِ لستِ فيها.