الكاتبه أمل سامح
انزلقت دمعة من عينيها، لكنها لم تكن دمعة عادية.
شعرت وهي تسقط على خدها البارد كأنها تحمل وزناً لا يُحتمل، ثِقلاً يذكّرها بليالٍ لم تُشفَ جراحها فيها. كانت دمعة هاربة، لكنها تعرف وجهتها أكثر مما تعرف صاحبتها…
سقطت على صفحة كتاب قديم تركته مفتوحاً على الطاولة. لم تكن الصفحة بيضاء تماماً، بل ملوّثة ببقع داكنة، وكأنها تشربت دموعاً من قبل. وما إن لامست الدمعة الورق حتى ارتجف الكتاب، وتشققت حروفه كأنها تهمس باسمها.
تراجعت مذعورة، لكن الهمسات ترددت داخل رأسها:
“كل دمعة تسقط… تفتح باباً.”
شعرت بالهواء يثقل، بالغرفة تضيق، والجدران تقترب منها. حاولت مسح آثار الدمع، لكن أصابعها ارتجفت… لم تجد سوى بقعة سوداء تتسع، كأن الدمعة لم تكن ماءً بل حبر مظلم يتغذى على وجعها.
عندها أدركت الحقيقة: هذه لم تكن دمعة نجاة، بل نذير عودة الألم بأبشع صوره.
الأبواب التي فُتحت… لم تُفتح لتمنحها الحرية، بل لتُطلق سراح شيء ظل حبيساً ينتظر سقوط دمعة واحدة.
ارتجف قلبها… وشعرت أن الظلام بدأ يتنفس.