الكاتبة منة الله محمد
أكثر ما يؤلمني…
أن أضع قلبي على طاولة الحياة،
أُحاول أن أرسم ابتسامة على وجه أحدهم،
أهمل راحتي كما تُهمل أوراق الخريف التي تتساقط بلا صوت،
أحاول، وأحاول، وأغرق نفسي في بحرٍ من العطاء،
لأكتشف بعد كل مرة أني موجةٌ حُرِمت من الشاطئ،
أن وجودي لم يكن سوى ظلٍّ عابر،
وأن غيابي لم يُشعر أحدًا، كما لو أن الريح لم تلمس الورق.
أحزن حين أظن أنني زهرةٌ في بستان أحدهم،
أزرع نفسي في قلبهم كما تُزرع البذور في التربة،
أرويها بأحلامي وأملي،
ثم أكتشف أن الأرض صلدة، والمطر لم يلمس جذوري،
أن كل ما صدقته كان مجرد سراب.
لكنني… رغم كل هذا، أتعلم أن قلبي لم يخطئ،
أن روحي لم تخسر، بل هي من تعرف الحب بصدق،
أن يدي التي امتدت بلا خوف لم تكن ضعيفة،
بل كانت يدُ شجرةٍ تعرف كيف تُسقي نفسها قبل أن تُسقي الآخرين.
اليوم أتعلم أنني لست أقل لأن أحدهم لم يرَ نوري،
وأن غيابي لم يُقلل من إشراقتي.
أتعلم أن أضم نفسي بين يديّ كما أضم زهرةً نادرة،
أحتويها، أحبها، وأهمس لها:
“أنتِ كافية، أنتِ كاملة، أنتِ نوري.”
وهكذا… أُداوي جراحي بلطفِ قلبي،
أستعيد إشراقتي كما يستعيد البحر لؤلؤته بعد العاصفة،
أمضي في حياتي، أرفع رأسي،
أعلم أن من يعرف قيمتي سيبقى بجانبي،
ومن لا يعرفها لن يُقلل من ضوء قلبي شيئًا.
أتعلم أن العطاء بلا حدود جميل،
لكن الأجمل أن يبدأ من الداخل،
أن يكون نوري بين يديّ قبل أن أبحث عنه في عيون الآخرين.