...
Img 20251001 wa0000

 

الكاتبة الصيدلانية أرزاق مُحمّد

 

في كل قرصِ دواءٍ نصرفه، قصةُ شفاءٍ تتشابكُ مع لحظاتِ الألمِ والأمل، حيثُ يجد المرضى طريقهم نحو التعافي، وفي كل جرعةٍ نحددها أملٌ جديدٌ لهم يتجدد.

 

في يومنا العالمي للصيدلة، هذا اليوم الذي نستحقُّ فيه أن نحتفي بحلمنا، بمحاولاتنا، باجتهادنا العظيم، وحتى بلحظاتِ فشلنا في هذا الدرب، هو ليس يوماً عادياً، بل استراحةٌ من كل التعب.

يأتي كل عام ليخبرنا أنكم صدقتم في اختيار هذا الحلم، والمجهادةِ في سبيله، ولكم يومٌ تفرحون وتفخرون فيه بإنجازاتكم.

تعاهدوا أنفسكم بعِظمِ المهنة، ألا تقصروا ولا تتهاونوا، فالأمر فيه حياةُ روح، وشفاءُ جُرح، وجبرٌ لكل كسر، وإنهاءٌ لألمِ عليلٍ أرقّ صاحبَهُ ليالٍ طويلة.

يأتي ليُخبرنا أن التعب لا يدوم، وأنّ جميع الأحزانِ فانية، مقابل فرحةِ أُمٍ استعاد طفلها الوحيد صحته، ومقابل استراحةِ عجوزٍ تخلّص من ذلك المرض الذي كان يُنهكه.

 

الصيدلة ليست مجرد مهنةٍ تُمارَس، ونقصدُ بها أجراً مادياً، بل هي فنٌّ رفيعٌ يُجسّد الرعاية والاهتمام بالإنسان في أضعف حالاته، وأقوى حيرته.

هي وسامُ شرفٍ يتقلدهُ كلُّ صيدلي، هي مهنةٌ جمعت بين العلم والرحمة، حيث يلتقي الدواء بالمريض وتتحقّق المعادلةُ الصعبة بين الشفاء والرعاية.

 

والصيادلة ليسوا فقط موزّعين للدواء، بل هم حُرّاسُ الأمانِ الدوائي.

تكمن عظمتهم في تلك الوصفةِ السحرية التي يُترجمونها إلى أدويةٍ آمنة، مع مراعاةِ كلِّ تفصيل، وكلِّ احتياجاتِ المريضِ الفريدةِ والغامضة.

إنهم يعملون بجدٍّ خلف الكواليس، لضمان أن كلَّ دواءٍ يتم صرفه آمنٌ وفعّال.

 

الصيدلة فنٌّ يتطلب الدقة والاهتمام، والتعمق فيها أمرٌ صعبٌ يتطلب الصبر والتعاطف، ويتطلب عدم المهاونة.

 

ورغم صعوبة هذا الدرب، والشوك الذي يُحفّه من كل جانب، رغم العثرات والعوائق وخيبات الأمل، إلاّ أنه كان وجهتي الأولى، وهدفي الذي أُكابد من أجله.

كان مستراحي، ولذّتي، ولا زال عالمي المُفضّل، وحياتي التي اخترتها عندما تهتُ في ظلماتِ الفشل.

 

فكلُّ عامٍ وأنا وجميع من تقلّد بهذا الشرف بألفِ خير.

كلُّ عامٍ ونحنُ أعداءُ الداء، وأصدقاءُ الدواء.

كلُّ عامٍ ومهنتُنا عظيمة، وحديثُنا، وكلُّ ما نكتبُ، وكلُّ ما نتعلّمهُ في رحلتنا… دواءٌ لداءٍ لا يُشفى.

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *