كتبت: منال ربيعي
في زمنٍ غلب فيه الشكل على الجوهر، وانشغل الناس بتفاصيل الوجوه، ننسى أحيانًا أن الجمال الحقيقي لا يقاس بعدد الملامح المتناسقة، بل بعمق الروح ونقائها.
فالروح الصافية، وإن لم تملك وسامة الوجه، فإنها تملك ما هو أبهى وأعمق: الراحة. نعم، راحة النفس حين تجالسها، وطمأنينة القلب حين تنظر في عينيها.
صفاء الروح لا يعني الغفلة أو السذاجة، بل هو حالة نادرة من الصدق مع النفس ومع الناس. هو ذاك النور الذي يشعّ في الحضور، حتى لو لم يتكلم صاحبه كثيرًا.
إنها الأرواح التي لا تجرح، لا تُخادع، لا تَحمل ضغينة. الأرواح التي تمشي بين الناس بنية الخير، فتبارك خطواتها الأرض وإن لم يرها أحد.
حين تكون الروح صافية، ينسكب الجمال على الوجه، فيصبح للنظرة معنى، وللابتسامة عمق، وللسكون لغة.
ترى الشخص فتشعر وكأنك تعرفه منذ زمن، وكأن بينك وبينه ميثاق سلام.
أما الأرواح الملوثة بالحقد أو الكِبر، فهي وإن تجمّلت، يبقى في نظراتها ما يفضح نواياها.
قد تلبس أجمل الثياب، وتضع أزكى العطور، لكن رائحة القسوة لا يخفيها عطر، ولا يخدع بها أحد طويل البصيرة.
ليس الجمال ما تصنعه المرايا، بل ما تعكسه الروح على تفاصيلنا الصغيرة.
وقد قيل: “إنما الجمال جمال الروح، فاحرص أن تُحسِّن روحك، لا صورتك فقط.”
في نهاية الأمر، من يحمل روحًا صافية، يشبه المطر: لا يملك شكلاً ثابتًا، لكنه أينما حلّ، أحيا.