...
Img 20250613 wa0072

الصحفية: خديجة محمود عوض

ما بَينَ الحَـرفِ والوَجَـع… امرأة تكتب بِمـداد مِن روحها

حين تخطّ الكاتبة سطورها، لا تكتب حروفًا، بل تنفث من روحها شيئًا يُشبه الاعتراف، ويُشبه التوق إلىٰ حياةٍ أصدق من الواقع.. في كل نصّ تكتبه، ثمة ظلّ جرحٍ قديم، أو صدى حلمٍ يتوارى خلف الحنايا، في هذا الحوار، سنغوص معها في عمق الأسئلة التي لا تُطرح، لنكشف وجه الكاتبة حين تنفرد بنفسها، وتحدّق في ورقةٍ بيضاء كأنها مرآةٌ لنفسٍ تتشكّل.

1. من تكونين حين تنزعين عنكِ لقب “الكاتبة”؟ ومن تكونين حين تنفردين بالقلم وحدكِ دون جمهور؟

– مجرد فتاة صغيرة علقت في غبار الماضي، ووجدت في القلم والمذكرات مؤنسًا لها. فتاة عالقة بين الظلام والنور، وسلامها في وحدتها، وطمأنينتها في كلماتها المباحة لصفحات مذكراتها.

2. متى كانت لحظة البداية؟ وما الحدث الذي دفعكِ إلى الإمساك بالقلم؟

– بداياتي كانت في طفولتي، رغم أنني لا أتذكرها بتفاصيلها، لكنني أجزم أنني واجهت طفولة صعبة قليلًا، خاصة في بدايات الدراسة، حيث كان المحيط جديدًا عليّ، والخوف أسرني. كل حدث أثّر عليّ كان منفذ حريته تلك الصفحات. ربما غادرتني لفترة، لكن لطالما كان هناك شيء يشدّني للورقة والقلم… لشرح نفسي.

3. كيف تصفين علاقتك بالنص؟ هل هو انعكاسٌ لما تعيشينه أم لما تتخيّلينه؟

– كتاباتي تعبر عن كلماتي التي لم أستطع قولها، وخيالي الذي لم أستطع الاعتراف به… لذا هي مزيج بين كليهما.

4. هل تتقبلين النقد بسهولة؟ وما الحدّ الفاصل لديكِ بين النقد البنّاء والهدّام؟

– في الحقيقة، أنا شخص حساس جدًا، لذا النقد الهدّام يحزنني قليلًا. لكن النقد البنّاء يساعد ثقتي لتنمو، مما يساعدني على تجاوزه والاستفادة منه.

5. ما المشروع الأدبي الذي تحلمين بإنجازه ولم يحن أوانه بعد؟

– مشروعي الذي تمنّيته بشدة منذ بداياتي وطفولتي: كتاب يجمع أحاديثي وكلماتي الصارخة بصمت، ورواياتي التي ترسم خيالاتي.

6. ما الرسالة التي تودين إيصالها لكل فتاة تملك الحرف لكنها تخشى أن تبوح به؟

– لكل فتاة تُخفي كلماتها بين ضلوعها خشية أن تُسمَع… ثقي بأحاسيسكِ، واكتبي، واعترافي بمواهبكِ وحروفكِ. عيشي كما تريدين، ولا تصغي لقلبٍ حاقدٍ يريد حجزكِ عن حلمكِ.

7. لو سُلب منكِ القلم، هل تظلّين الكاتبة؟ أم أن الكتابة عندكِ فعلٌ لا يُفصل عن الهوية؟

– حتى دون قلم، يظل قلبي ولساني ينبضان بما لا يُقال، بما يُراد أن يُكتب. قد أبتعد يومًا، لكنني أعلم أنني سأعود… لأن الكتابة ليست مجرّد حبرٍ على ورق، بل هي أنا حين أضيع، وأنا حين أجد نفسي من جديد.

8. لو كُتب لنصٍّ من نصوصكِ أن يُخلّد، فأيّ نصّ تختارين؟ ولماذا؟

– “كنت فقط أريد أحدًا…”
كنت فقط أريدُ شخصًا يفهمني حين أتكلم، لا يُقاطع المعنى بين السطور، ولا يستهين بثقل الصمت الذي يسبق كلماتي. كنت أحتاج لمن يُقدّر وقتي حين أبوح، ويهتم لتفاصيل أحاديثي، مهما بدت تافهة للعالم. شخصًا يلتقط تلميحاتي، ويُدرك ما تخفيه نبرتي خلف الكلمات. أردت من يصغي لي.

لا ليُجيب، بل ليحتويني. من يحبني رغم صراخي، رغم عنادي، رغم مزاجيتي الباردة حين أهرب من كل شيء. أنا فقط… كنت أبحث عن شخص لا يجعلني أشرح نفسي كل مرة.
اخترته لأنه يشرح ما أريد وما لم أستطع شرحه لأحد.

9. وأخيرًا، إن سُمح لقلبك أن يهمس لقارئك برسالةٍ واحدة، لا تنشرها الصحف ولا تدوّنها الكتب، فماذا يقول؟

-أتمنى أن تجد نفسك في سطوري، كما وجدتُ ذاتي فيها.

10. كيف ترين نفسك الآن بعد هذا الحوار؟ وهل شعرتِ أن الأسئلة كشفت جانبًا مختلفًا عنكِ لم تتحدثي عنه من قبل؟

– أنارت لي زاوية مظلمة كنت أتجاهلها دائمًا، ذكّرتني بما يجب أن أتذكره، لا بما يجب أن أهرب منه.

في الختام…
حين تنتهي الكلمات، يبقى الأثر. وكلمات الكاتبة لم تكن مجرد حروفٍ عابرة، بل بصمات في ذاكرة القُرّاء. نودّعها ونحن نعلم أن القادم منها سيكون أعمق، أصدق، وربما أشد وقعًا… فهي لا تكتب لتُقال فحسب، بل لتُحسّ، وتُحدث في القلب رجفة لا تُنسى.

مجلة: الرجوة الأدبيَّة

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *