الصحفية: خديجة محمود عوض.
ما بَينَ الحَـرفِ والوَجَـع… فتاة تكتب بِمـداد مِن روحها
حين تخـطّ الكاتِـبة سطـورها، لا تَكتب حروفًـا، بل تنفـث من روحها شيئًا يُشبـه الاعتراف، ويُشبـه التوق إلىٰ حياةٍ أصدق من الواقع.. في كل نصّ تكتبه، ثمة ظلّ جرحٍ قديم، أو صدى حلمٍ يتوارى خلف الحنايا، في هذا الحوار، سنغوص معها في عمق الأسئلة التي لا تُطرح، لنكشف وجه الكاتبة حين تنفرد بنفسها، وتحدّق في ورقةٍ بيضاء كأنها مرآةٌ لنفسٍ تتشكّل.
1. من تكونين حين تنزعين عنكِ لقب “الكاتبة”؟ ومن تكونين حين تنفردين بالقلم وحدكِ دون جمهور؟
* حين أنزع لقب” الكاتبة” اصبح البريئة الرصينة التي لا تعرف نكدها إذا كان حقيقي أو خيالي، ابدو وكأني عادية لا إسثتنائية ومتصالحة لا مزاجيّة، أسيرُ ضمن مخطط التضيّق والعيش البسيط، عالم ليس له مذاق للنكد العلاجي ولا شفاء للذات الصائب.
* وحين أنفرد بالقلم تهمس كل أحاسيس للصراخ القوي، لهفة الخفض وتمازج الكلمات، خفة الإنشاء نفسها غوصٌّ عميق ذات سطور جديّة ماتشبه النضج الراقي عند إجراء خطوات المواجهة، منطق خالٍ من العناوين المزيفة فقط رائحة ورقة وخيال قلم..
2. متى كانت لحظة البداية؟ وما الحدث الذي دفعكِ إلى الإمساك بالقلم؟
* كانت لحظة البداية برائحة الروح البريئة، طفلة حاولت نثر تزامن البشاعة فأمسكت قلمًا راودها عن كل ما تريد كتابته وسيطرت على كل الحروف المستعصية وجعلت منها نبضا يرشده ألمًا وينتابه أملًا بالتأكيد.
3. كيف تصفين علاقتك بالنص؟ هل هو انعكاسٌ لما تعيشينه أم لما تتخيّلينه؟
* بصفتي كاتبة أصف النص الذي أدقق كلماته بشعور صادق بالخلفية العميقة.
* وبصفتي مصممة خيال أرى إنعكاس كل النصوص التي بصمت عليها إسم الكاتبة أنها خيال متمردّ لا أكثر من ذلك فالواقع لا يشبه لطافة الكتابة ولا مستوى الدقة في الفهم.
4. هل تتقبلين النقد بسهولة؟ وما الحدّ الفاصل لديكِ بين النقد البنّاء والهدّام؟
* نعم أتقبل النقد، فمن لا يجيد النقد لايجيد الفهم وبما أنّ النقد داهم كلماتي فلكل أسلوب دوامة لنقده، ولكن النقد الهدّام هو الأكثر مايجعل هواية شخصية تتضاعف لربما سرّ من أسرار الألفاظ الروحية.
5. ما المشروع الأدبي الذي تحلمين بإنجازه ولم يحن أوانه بعد؟
* ضمن أفكار إنجازاتي المستقبلية لا أسمي أهدافي بأحلام لربما الأحلام لن تتحقق ولكن الأهداف حتما ستنطبق على مقولة “مادمت أستسهل الصعاب حتما لن ترشدني المحن”
لذلك كل ما هو الإرادي لا بد أنه حتمي..
إذن أول إنجاز بالطبع لم يحن أوانه نشر أكبر عدد من الكتب الورقية .
6. ما الرسالة التي تودين إيصالها لكل فتاة تملك الحرف لكنها تخشى أن تبوح به؟
* لا خوف على كلمات لم تندثر من مراهقة فتاة، كل ما عليك بوح ما يؤلمك حقا، ستجدين الأعمق أبصر من السطحي والمنطق صريح أكثر من الحسّ العابر، إستمتعي بتصريحاتك وإيّاك بتحليلها، الإختلاف سيغيرك.. حذاري!
7. لو سُلب منكِ القلم، هل تظلّين الكاتبة؟ أم أن الكتابة عندكِ فعلٌ لا يُفصل عن الهوية؟
* لو سّلب القلم سأغيره بالسكين الحادّ وأنثر كل الكلمات على جدران مسطحة خالية ولربما سأحتفظ بذاكرتي فقط لكلماتي، سأصمم مكانا خياليا وأجلعه الدفتر الوهمي ذو القلم اللا موجود، لأن الكتابة فصل من هواية لا من الهوية..
8. لو كُتب لنصٍّ من نصوصكِ أن يُخلّد، فأيّ نصّ تختارين؟ ولماذا؟
* لن أختار نص واحد أن يخلد لأني بكل بساطة لا أقبل بالإختيار، نصوصي جزء من أفكاري وأفكاري جزء من ذاتي والذات الشيق لا تخلده الميزة المختارة بعنوان “الكل أو اللاشيء”
9. وأخيرًا، إن سُمح لقلبك أن يهمس لقارئك برسالةٍ واحدة، لا تنشرها الصحف ولا تدوّنها الكتب، فماذا يقول؟
* لن يقول أدنى شيء، في مجال الكتابة القلب ليس له حكم ولا للقارء تفرد في صيغة الإستماع من يهتف بإحساسه لن يحتاج لا لكلمة ولا لنصوص…
10. كيف ترين نفسك الآن بعد هذا الحوار؟ وهل شعرتِ أن الأسئلة كشفت جانبًا مختلفًا عنكِ لم تتحدثي عنه من قبل؟
* الحوار الذي يُلٰهمْ تُوَضِحَهُ صورته لا أسئلته…
* نعم بالتأكيد لربما الجانب الخفي يظهر فقط عند الحوار الرائع.
* أشكر المحررة الذي أجرت هذا الحوار الرائع، دمت طيبة و حسنت أمانيك الطيبة
في الختام..
حين تنتهي الكلمات، يبقى الأثر. وكلمات الكاتبة: “نريمان جلال” لم تكن مجرّد حروف عابرة، بل كانت بصمات في ذاكرة القرّاء. نُودّعها ونحن نعلم أن القادم منها سيكون أعمق، أصدق، وربما أشد وقعًا… فهي لا تكتب لتُقال فحسب، بل لتُحسّ، وتُحدث في القلب رجفة لا تُنسى.
مجلة: الرجـوة الأدبيَّة