المحررة: رحمة دولاتي
تشرق الشمس بعد الليل، كذلك تزال أحزان الإنسان؛ المحن لا تدوم ولكن نكتسب منها خبره سنعلم هذا في حوارنا المميز اليوم.
أخبرني عن أسمك في البداية؛ وهل لك نصيب من اسمك؟
قيل في معنى إسم رمضان أكثر من أمر، لكن الوصف الذي توقفتُ عنده كثيرًا ووجدتُ نفسي فيه هو أن رمضان يعني “الرَّمض” وهو بقايا ما تحرقه النار. وأرى نفسي كذلك كما حييت وكما مرت أيامي، والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه.
عمر الإنسان يقاس بالحكمة، من حكمتك في الحياة، كم سنة تمنح نفسك؟
أنا الآن في الأربعين، وقد بلغتها في العشرين من يونيو. تقول الأرقام إنني أبدأ في الحادية والأربعين، لكن مشاعري وأفكاري ورؤيتي للحياة كرجل تجاوز التسعين يرغب فقط في إصلاح آخرته. أما عن الأحلام والآمال، فهناك الكثير يستحق أن يُكتب فيه، ولكنني لن أكتب ما كتبه الآخرون، فتلك الصفات النبيلة اتسع صدر التنمية البشرية وأغدقت بالوصف فيها والمدح، وكذلك فعل علم النفس الإيجابي. أما واقعنا وما عِشناه فيقولان أشياء أخرى تمامًا.
دائمًا لكل بداية في حكاية ورواية، لا بد أن تحكي الموهبة، هل يمكنك إبلاغي ما هي حكايتك لكي تصل إلى حلمك أو موهبتك، وكيف تطورت من نفسك؟
أحب أن أقوم بالتواصل الاجتماعي وما تعنيه الاجتماعيات كلها بشكل مختلف عن غيري. فقط أكتب ما بداخلي ولا أنطق به. فعلتُ ذلك منذ الصغر وها أنا ما زلت أفعل. قد تكون موهبة بقدر ما تكون علة. أما عن التطوير فهو أمر مستمر بين القراءة والاستفادة من كل معلومة حول الكتابة وفنياتها؛ دور النشر ودورها؛ القارئ وما يريده؛ المجتمع المصري والعربي وقضاياه.
لو أن موهبة الإنسان أحيانًا تختلف عن دراسته، فهل يمكنك إبلاغي ما هي دراستك وهل هي متشابهة مع موهبتك أم لا؟
درستُ إدارة الأعمال في جامعة القاهرة. لعل أبرز ما يربط بين الكتابة وإدارة الأعمال فكرة التسويق، التي تتوه عن الكاتب المبتدئ أو قد لا يرغب في الاعتراف بأهميتها، وذلك أمر خطير.
لكل إنسان حكمة يؤمن بها، ما هي الحكمة التي تؤمن بها في الحياة؟
هناك حكم كثيرة أؤمن بها: ما يحدسك به قلبك من الداخل صدّقه تمامًا، فالقلب أبصر.
لكل إنسان عواقب، هل حصلت لك مشكلة في طريق حلمك من قبل؟
منذ أن شرعتُ في احتراف الكتابة وتحويل الأمر من هواية إلى أمر أكبر قد يُشكِّل في نفسي كيانًا ووجودًا؛ أذكر أنني كنت في ورشة كتابة وكان كاتبًا معروفًا له اسمه. الأمر في البداية كان مشوقًا والعلاقة كانت راقية، لكن كل شيء تبدل بعد ذلك. كان يمدح فيّ كثيرًا وكنت على وشك أن ينشر لي بشكل مجاني، لكن أعتقد أن أحدهم أثار ضغينة بيني وبينه فانتهى الأمر دون إكمال حتى الورشة نفسها.
ثم ما بعد ذلك، كان هناك أيضًا أمر معطل ومحبط حدث لي؛ تعاقدت بمبلغ من المال لتحويل مجموعة قصصية إلى عمل صوتي، وكالعادة بداية مشوقة ومثيرة، وتأخر تنفيذ العمل، وعند السؤال عن سبب التأخير حدث خلاف بسيط ثم تطور وانتهى أيضًا الأمر عند ذلك.
كلما تقدم الإنسان، يعود إلى أول شيء فعله ويجد فيه أخطاء، أول نص لك كتبتيه في البداية، لو عدت إليه، كم في المئة ستجد فيه أخطاء؟
عن الأخطاء في العمل الأول وحصرها، أنا أعتقد أن الأمر لن يتوقف عند العمل الأول. اللغة العربية لغة كثيفة جدًا وفريدة، فنقطة فوق حرف وضعت دون قصد غيرت معنى تغييرًا تامًا، هذا أمر.
الأمر الثاني نحن لا نتحدث بها في حياتنا اليومية؛ لذلك حتى مع القراءة المستمرة ومراجعة قواعد اللغة من المختصين هنا وهناك إلى آخره، يتبقى للخطأ مكان بالطبع.
للكتابة أنواع كثيرة، ما هو أكثر نوع تحبه؟
عن أنواع الكتابة، أفضل أنا أن أجيب إجابة عكسية وأكمل عليها: أنا لا أقرأ مثلًا أدب الرعب والفانتازيا، أعلم أن لهم جمهورًا كبيرًا وشعبية، لكنني لا أجد نفسي فيهم بصدق. أحب كتب النصوص على سبيل المثال للكاتب أدهم الشرقاوي.
أحب الشعر على سبيل المثال الشاعر فاروق جويدة، أحب القصة القصيرة على سبيل المثال لتولستوي وتشيخوف، أحب الرواية على سبيل المثال دوستويفسكي ونجيب محفوظ. فأنا أميل إلى ما تناوله العمل من قضايا إنسانية اجتماعية واقعية، على أن يُلقي هذا العمل بعدة أسئلة على القارئ حتى وإن لم يضع أجوبة.
وفي كل مشوار يظهر مدعو حب الخير ويبانون على الحقيقة، هل قابلت أحدًا في حياتك ادعى أنه يحب الخير لك وظهر عكس ذلك؟
مدعو المحبة والخير، نعم حدث للأسف الشديد، وذلك عطلني كثيرًا. كان لي صديق يعمل ملحنًا، هو من كان يأخذ بيدي إلى طريق الحلم، يبذل كل جهده لأقترب ممن يعملون في مجال الفن وهكذا، ولكن كانت هناك في نفسي ريبة رغم ما أراه، ومع الأيام تأكدت أنه كان يأخذني إلى هذا العالم لا لمساعدتي في تحقيق حلم، ولكن ليتأكد تمامًا أنني لن أحاول حتى وأنا بعيدًا عنه.
ولكل نجاح أعداء، هل لديك أعداء أم أنك لا تزال في بداية المشوار ولم يقابلك أي عدو حتى الآن؟
العداء، أذكر غيرة في البداية لم أساعد في وجودها أبدًا بتصرف شخصي في ورشة كتابة، كانت هناك زميلة تغضب ويظهر ذلك عليها من مدح المحاضر لي/ للأسف تدخلت فيما بعد وأفسدت العلاقة بيني وبين الرجل والحمد لله على كل حال. نعم عن الصعوبات، ذكرت عدة أمور في كلامي السابق وأعتقد أنها لن تنتهي؛ سوف يظهر لها فقط تفاصيل مختلفة.
أحيانًا تكون العائلة سبب النجاح وأحيانًا لا تؤمن بنا، هل آمنت عائلتك بموهبتك أم كانت تعتقد أنك تضيع وقتًا؟
عن العائلة، جميعهم يدفعون بي إلى هذا الأمر منذ سنوات طويلة، هم يثقون فيما أكتب. جميع العائلة تثق، والأصدقاء والمقربون، إلا شخصًا واحدًا احتاج إلى ثقته لأبدأ وهو رمضان ذاته.
في أشخاص تقول إنه لم يعد أحد يقرأ، ما رأيك في هذا الكلام؟
عن القراءة، سأقول لحضرتك أمرًا خطيرًا حدث معي وأعتقد أنه حدث مع جيل كامل، وهو تغيير مصدر المعلومة من الكتاب إلى بحث على جوجل أو منشور على فيسبوك وهكذا. بالنسبة لي على الأقل، كنت أتمنى لو أكملت فيما كنت أفعله في طفولتي وصباي، الكتاب والمجلة، بدلًا من منشور على فيسبوك. الأمر في حداثته غير نافع.
عن البعد عن الكتابة، للأسف الشديد منذ عامين في ذهني على الأقل رواية كأنها منتهية لكنها باقية في رأسي فقط، ولدي مشروع أو أكثر في شكل نصوص أفكاره كاملة مكتملة أيضًا لكنها باقية في ذهني فقط للأسف.
في ظاهرة غريبة انتشرت لكاتبات يكتبن بشكل جريء في أشياء لا تتناسب مع معايير المجتمع، هل تعتقد أنها حرية أم إفساد جيل قادم؟
والله أنا بشكل شخصي أستحي أن أكتب كلمة جريئة ولا أرتاح أن قرأتها؛ بالتأكيد إفساد.
ما أكثر كتاب قرأته أعجبك؟
كتب كثيرة أحبها، أذكر منها الآن مذكرات البيت الميت لدوستويفسكي وهي رواية. أكثر كاتب أحبه هم مجموعة متلاصقة من الأدب الروسي: تولستوي، دوستويفسكي، تشيخوف.
ما رأيك في الأسئلة التي وضعتها؟ هل أعجبتك أم كانت صعبة بكل صراحة؟
الأسئلة لم تكن صعبة، الأجوبة فقط هي التي أثارت في نفسي أمرًا ما. شكرًا لمجلة الرجوة وللكاتبة رحمة دولاتي على هذا الحوار الطيب وتمنياتي لكم بمزيد من النجاح والسعادة.
![]()
