الكاتبة شروق مصطفى
يأتيني بغتة، بلا موعد، كضيفٍ ثقيل الظل؛ يظل يطرق الشق الأيمن من رأسي بلا رحمة، حتى يدخل ويسكن داخل جمجمتي.
يظل يتأرجح بين جبهتي وأذني، كراقصٍ متعجرفٍ سمع لتوّه موسيقاه المفضلة لديه، ليضغط بخطواته الثقيلة على كل جزءٍ من رأسي، حتى ينفد صبري ويصيبني الضيق.
فالصداع بالنسبة لي ليس مجرد ألمٍ جسدي، أو حتى عارضٍ في الجسم؛ بل حصارُ طاغيةٍ يتركني في الزاوية بلا نور، فقط الظلام الذي يحاوطني.
أما هو، فيتحرك داخل رأسي كجلّادٍ بلا رحمة، يفتش بداخلي ويأتيني بما لا أحب، حتى تكتمل جريمته في سلب راحتي.
وبين خطواته الثقيلة، وتفتيشه غير المبرَّر فيما لا يعنيه، والعبث بأفكاري ليبقيني بلا حراك، معدمة الكلمات؛ ما أثقل جسدي عندما يفرض الصداع نفسه عليّ، وما أثقل الكلمات على لساني.
صمتٌ وظلام، ولكنه صمتٌ مزعج، يجبرك على أن تنصت لدغدغة عظام جمجمتك المصونة، حتى ينتهي هذا المتطفل من عرضه السخيف.
لكنني لستُ مجبرةً في كل مرة أن أستمع إليه وأراقب خطواته الثقيلة؛ يمكنني ذات مرة أن أخبط رأسي في الحائط، بحثًا عن الخلاص من ذلك المتطفل العنيد… إلى الأبد!