...
Img 20250616 wa0030

حوار: حور حمدان

“الإعلام ميدانٌ لا يبرع فيه إلا أصحاب الحضور والكلمة، واليوم نفتح نافذةً لحوارٍ مع موهبةٍ تتقن الحرف وتمتلك الميكروفون.”

في البداية، يسعدني أن أرحب بكِ داخل مجلتنا “الرجوة الأدبية”.
هل لنا بنبذة تعريفية عنكِ؟

ابتسمت نضال وقالت: بالطبع.
أنا نضال حمدي، أبلغ من العمر ثلاثين عامًا، أصولي من محافظة الأقصر وأقيم حاليًا بالقاهرة. درستُ بكلية دار العلوم وحصلت على درجة الماجستير في تخصص اللسانيات الإدراكية.
لدي موهبة في الإعداد والتقديم الإذاعي، واهتمام بمجال كتابة المحتوى، فضلًا عن عملي في الصحافة، حيث أعمل محررةً في قسم المقالات، وصحفيةً وعضوًا بلجنة الإعلام المركزية بالاتحاد العام لشباب العمال. كما أشغل منصب عضو مجلس إدارة تحت السن بفرع الجيزة للاتحاد.

كانت إجابتها تحمل من التميز والثراء ما أدهشني، فخطر ببالي سؤال آخر، قلت لها:
متى اكتشفتِ شغفكِ بالإعداد والتقديم الإذاعي؟ وكيف بدأتِ أولى خطواتكِ الفعلية؟

فردّت بحماس:
أنا شغوفة بالتقديم الإذاعي؛ إذ أعشق الإذاعة والراديو منذ طفولتي، وأنتمي بطبعي إلى الأصوات الإذاعية. لطالما أحببت الحكايات التي تُقدّم بالأداء الصوتي وحده.
وكانت خطوتي الفعلية الأولى حين انضممتُ إلى أحد برامج إذاعات الإنترنت كمذيعة لبرنامج بعنوان “شبابيك”، من إعدادي وتقديمي.

ثم أردفت بابتسامة:
موهبتي في الكتابة بدأت منذ الصغر، وإن لم يكن مفهوم “كتابة المحتوى” منتشرًا آنذاك. كنت أكتب الشعر والخواطر الحرة، وحين دخلت مجال التقديم الإذاعي، وجدت أن الإعداد لا يقل متعة عن التقديم ذاته، فصرت أكتب نصوصي وأؤديها بصوتي، وأشعر أن وقع الكلمة بصوت صاحبها له سحر خاص.

توقفت لحظة، ثم واصلت:
أما عن عملي الصحفي، فكان له نصيب كبير من حبي.

فقلت لها:
حدثيني عن طبيعة عملكِ كمحررة، وما نوعية الموضوعات التي تميلين لكتابتها؟

قالت بعد تفكير قصير:
الكتابة الصحفية أحد أحب المجالات إلى قلبي، فهي تمنحني مساحةً للتعبير بحرية وبطرق متعددة.
أميل بشكل خاص إلى كتابة المقالات الاجتماعية، والمقالات ذات الطابع التشويقي التي تتناول الغرائب والعجائب، لأنها تمنح القارئ متعة وجاذبية في آنٍ واحد.

لم أتوقف عند هذا الحد، إذ راودني سؤال عن كيفية تنسيقها بين أكثر من موهبة، فسألتها:
وكيف تستطيعين الموازنة بين كتابة المحتوى، والإعداد والتقديم؟

أجابت بابتسامة واثقة:
كتابة المحتوى مجالٌ شائق لا يفقد رونقه، واستنباط فكرة وتحويلها إلى محتوى جذّاب ومن ثم إلى سلسلة أفكار مترابطة أمرٌ ممتع.
بعد الانتهاء من إعداد نص جيد، ينتابني شعور بالسعادة والفخر، وعندما أقدّم ما كتبته بصوتي أشعر بمتعة مختلفة.
وإنني لا أجد بين الإعداد والتقديم وكتابة المحتوى أي تعارض، بل أعتبر الشغف جسرًا يمزج بينهما، ليكوّن خليطًا إبداعيًا متكاملًا.

استوقفني هذا الحماس، فخطرت لي فكرة، فسألتها:
ما أصعب العقبات التي واجهتكِ خلال هذا المشوار، خصوصًا مع ازدحام الساحة الإعلامية؟

ابتسمت بعمق ثم قالت:
من أبرز التحديات التي أواجهها أحيانًا فقدان الشغف أثناء البحث عن موضوعات جديدة، خاصةً مع كثرة المستجدات على الساحة، أو الإرهاق الشخصي، أو حتى حين لا يكون الصوت في أفضل حالاته للأداء.
لكنني أحرص على تجاوز هذه الفترات سريعًا؛ فالموهوب من يُحسن التعامل مع لحظات الضعف.

بعد هذه الإجابة، أردت أن أتعرف على حلمها الأبعد، فسألت:
وما هو حلمكِ في هذا المجال؟

ردّت بحماس صادق:
أن أصل بجمهوري إلى حالة التعلّق بالمحتوى الصحفي كما كان في زمن العمالقة، حيث كان القارئ ينتظر عمودًا صحفيًا أسبوعيًا، أو مقالًا ثابتًا باسم كاتب معين.
كذلك أحلم بتقديم محتوى إذاعي يعيد للإذاعة عشقها المفقود في القلوب.

ثم أضافت بابتسامة دافئة:
لو خُيّرت في إعداد حلقة، لاخترت أن تكون عن النوستالجيا وإحياء القديم. فليس هناك حلقة عن ذكريات الماضي إلا وتأسر السمع وتحرك المشاعر؛ إذ تنبع من القلب فتصل مباشرةً إلى القلوب.

لم أشأ أن أنهي اللقاء دون سؤال عن رؤيتها لصفات النجاح في هذا المجال، فسألتها:
في رأيكِ، ما أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المُعد والمُقدّم الناجح؟

قالت بيقين:
المُعِد الناجح لا بد أن يكون مطّلعًا بدقة على موضوعه، ملمًا بمصادره، حريصًا على عدم إغفال أي تفصيلة.
كذلك، من المهم جدًا أن يعرف جمهوره المستهدف ويوجه محتواه بما يتناسب مع هذا الجمهور.
أما المُقدّم الناجح، فعليه استحضار المشاعر المناسبة لما يقدّمه، سواء كان من إعداده أو منقولًا عن غيره، إلى جانب وعيه الكامل بطبيعة الفئة التي يخاطبها واهتماماتها.

وفي ختام اللقاء، أردت أن أترك المجال لها لتوجّه رسالة لكل من يريد خوض هذا الطريق، فقلت:
ما الكلمة الأخيرة التي تحبّين توجيهها لكل من يرغب في دخول هذا المجال؟

فقالت بثقة:
البداية لا تأتي إلا من الشغف، ثم حب الفكرة، يليهما السعي الدائم وراء المعرفة.
والأهم من ذلك كسر الروتين كلما تسلّل إلى النفس، فالملل عدو الموهبة.
المبدع ينتشر سريعًا، شرط أن يكون مؤمنًا بفكرته، متابعًا لخطى من سبقوه، ومتجددًا في أفكاره وأسلوبه.

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *