الكاتبة رفيدة فتحي
كانت الشمس محتجبة والسماء تختفي خلف الضباب والطرقات مغمورة بالمياه، بينما يسير عدنان مشغولًا عن برودة الهواء القارس بملابسه المهترئة على حماره الهزيل. لم يوجه لوجهة معينة، بل ترك له حق القيادة، وهو لا يعرف طريقًا إلى بيتٍ ولا سبيل. يسير منكسر حزينًا، كما يحلو له. أشفق عليه صاحبه، ولكن غلبت درجة إشفاقه على نفسه أكثر من حماره الذي يتألم جوعًا مثله.
وبعد طول السير، وقفه في منتصف الطريق، فاقطعه عنه حبل أفكاره بعد أن أغرق في التفكير. فإن لم يكن الإنسان مرتاح البال يصبح أسير أفكاره. قلب هذا الشاب التي تبرز عظامه من تحت جلده، عيناه الدامعتان في شوارع المدينة، لعل أحدًا من الأثرياء يرفق بحاله أو بحال حماره، فيضع في يديه بضع قروش.
ولكن كالعادة، ضحك منه الصبيان وسخر من هيئته الكثير. فهو غريب لا عن المدينة، ولكن بقلة ماله وفقره الشديد أصبح مشردا ذليلا لا ينصت أحد لانينه. ولكن لا يعلم أنه إن سعى ومد يديه للرزاق، كان سيغمره بسعة رزقه.
![]()
